رصد الفنية والثقافية: موضوع السيناريو دراسة تحليلية لمشهد السيناريو

الاثنين، 1 يونيو 2015

موضوع السيناريو دراسة تحليلية لمشهد السيناريو


http:www.facebook.com/saidelharec

  اهتمت جميع المؤلفات التي اتخذت من السيناريو موضوعا للبحت والتنظير بمحاولة دراسة كل الجوانب المتعلقة بهذا الشكل الحكائي : الحكي ، والحكاية ، وكيفية كتابة السيناريو، كما اهتموا بمحاولة وضع تعاريف لبعض المفاهيم المرتبطة بالسيناريو كشكل حكائي ، مثل مفهوم المشهد ، واللقطة وأنواع اللقطات ، والمتتالية ، والفوطو  \ مونتاج ، واهتموا أيضا بدراسة أنواع المشاهد ومحددات بدايتها ونهايتها، وعناصر السيناريو، والشخصية ، وتنظيم المعلومات ، مع تقديم نصائح حول كيفية كتابة السيناريو والطرق الملائمة لهذه الكتابة ؛  لكن الملاحظ هو أن هذه الكتب وهذه المواقع اهتمت بالحكاية وكيفية كتابة الحكاية أكثر من اهتمامها بأي مكون آخر من مكونات السيناريو المتعددة والمتشعبة  وحين اتخذت قرارا بتأليف كتاب حول موضوع السيناريو، أستجمع فيه كل ما تناوله الدارسون في هذا الجانب ، وأطعمه بما توصلت إليه الدراسات التي اشتغلت على أشكال حكائية  أخرى مثل الرواية والمسرح ... والدراسات التي اهتمت بالسميائيات عموما والسميائيات السردية على وجه الخصوص . وأنا منشغل بكل هذه المجالات ، وجدت نفسي دائما أحوم حول فرضية مهمة وهي : ألا يوجد لهذا الشكل الحكائي (السيناريو) قواعد تتحكم في اشتغاله ليس كجنس حكائي يسرد لنا حكاية ، ولكن كـلغة لها جملها الخاصة بها ، وهذه الجمل لها قواعد شبيهة بتلك التي تتحكم في بناء الجملة     اللسانية ؟.            
 وكل فرضية لابد من قيامها على أسس منطقية ، وكان الأساس المنطقي في طرح هذه الفرضية هو أننا عندما نلاحظ لقطة لشخصية تاريخية تسير وهي تضع ساعة في يدها فإننا حتما سنستهجن هذه اللقطة ونحكم على العـمل بالتـفاهة ، لكن ما الأساس الذي بنينا عليه حكمنا بتـفاهة اللقطة ؟ المتلقي العادي سيجيب : لأن الساعة لم تكن موجودة في هذه الفترة الزمنية التي يحكي عنها العمل الفيلمي ؛ المتلقي المختص سيجيب بأنه حين نقوم بتأطير الحكي وفق تخوم زمنية محددة فإننا مجبرون على التقيد بما تفرضه هذه التخوم من ضوابط وصفية للأماكن والشخصيات والأشياء...                                   
لكن هل يفهم المتلقي العادي المسألة وفق هذا التفسير؟                                                                 
  المتلقي العادي يفهم الأمور عن طريق السليقة ، مثله في ذلك مثل مستعمل اللغة العامية ، يتحدثها بطلاقة ويستطيع الحكم على تعابير الآخرين إن كانت صحيحة أم لا ، لكنه لا يستطيع استعمال قواعد نحوية  لتفسير ذلك .  
                             
   غير أننا إذا قمنا بتجريد هذه القطة من سياقها الحكائي فإن التناقض سيزول ، وسنصبح أمام لقطة لا تثير أي نوع من أنواع الاستغراب بالنسبة للمتلقي : شخص يرتدي ملابس تقليدية و يركب حصانا ويضع ساعة في يده . 
                        
   سنأخذ مثالا آخر: لقطة لفيل يطير في السماء . إذا أخذنا هذه اللقطة وقدمناها للمشاهد (المتلقي) فإنه لن يتقبلها، وسيحكم بلا معقوليتها ، لكن إذا قمنا بوضع هذه اللقطة في سياق حكائي ( فيلم كرتوني ، فيلم خيالي ...) فإن المتلقي سيتقبلها . إذن هناك لقطات لا نقبلها إلا داخل سياق ، وأخرى لا نقبلها إلا مجردة من كل سياق.       
                                                
 وبالنسبة للمثال الثاني إذا كنا نحكم على لقطة ما بأنها غير مقبولة أو غير منسجمة فإننا نفعل ذلك بناء على مقاييس ومعايير نلجأ إليها للحكم على هذه اللقطة ، ثم إننا حين نحكم على هذه اللقطة بأنها غير صحيحة أو بأنها خاطئة فإننا بشكل أو بآخر نمتلك معايير لبناء اللقطة الصحيحة ، فالخطأ مؤشر على وجود الصواب . وإذا كنا نتحدث عن وجود رسالة ومرسل ومستقبل ، فلا بد من وجود لغة مشتركة بين الاثنين لكي تتحقق العملية التواصلية ففي غياب هذه اللغة لا يمكن الحديث عن أي شكل من أشكال التواصل .                                                                                                   
  إذن إذا كان السيناريو يمتلك لغته الخاصة ، فهل يوجد لهذه اللغة تركيباتها المميزة ؟ وهل توجد قواعد تتحكم في بناء هذه التركيبات ؟ وهل يوجد داخل السيناريو ما يمكن اعتباره بمثابة الجملة داخل اللغة اللسانية ؟.                                         
 كانت هذه هي الأسئلة التي أطرت تصورنا للموضوع ، وقد حاولنا من خلال هذه الدراسة اقتراح إجابات عليها .           

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق