إن نظرتنا إلى المشهد باعتباره جملة نحوية ( نحوالصورة ) 1، هي التي تفرض علينا دراسة هذه الجملة في انفصال عن الجمل النحوية الأخرى ( المشاهد ) ، فغايتنا هو الوقوف عند الحدود التي تخبرنا ما إن كنا أمام جملة صحيحة نحويا أم لا ، فهذه الجملة قبل أن تنخرط في البناء الكلي للحكي ، لابد أن تكون أولا صحيحة من الناحية التركيبية والدلالية ، و المتلقي باعتباره طرفا في العملية التواصلية لن يتقبل هذه الجملة إلا إذا كانت صحيحة ، لكن كيف نحكم على جملة فيلمية بأنها صحيحة أو خاطئة ؟ إن هذا ماسنحاول تطبيقه على هذا المشهد ( الجملة الفيلمية ) من فيلم دكان شحاتة لخالد يوسف.
عندما نتأمل هذا المشهد نلاحظ وجود خطأ ، فصوت المؤذن ، وصوت المدفع يشير إلى لحظة الغروب ، لكن نور الشمس ، وظل الأشجار ينفي هذه الدلالة عن الجملة .
إذن نحن نحكم على هذه الجملة الفيلمية بالخطأ ، لكن علينا تقديم التفسير المنطقي الذي بنينا عليه حكمنا هذا .
إننا حين نحكم على جملة ما بأنها جملة خاطئة فهذا يعني أننا نمتلك نموذجا صائبا نتخذه كمعيار للقياس ، لأن الخطأ مؤشر على وجود الصواب ، وإذا سلمنا بوجود هذا النموذج المعياري ، فعلينا أن نبحث عن آليات اشتغاله .
إن الجملة الفيلمية تقدم لنا نفسها باعتبارها كلا متجانسا ، ونحن علينا القيام أولا بعملية تفكيك لهذا الكل المتجانس ، وهذا ما سنحاوله من خلال المشجر التالي :
إذن بالقيام بعملية تفكيك ، نتوصل إلى أن الجملة الفيلمية تتشكل من ثلاثة عناصر : الزمان ، المكان، الأشياء .
الزمان : الغروب / المكان : خارجي : أمام الدكان / الأشياء : بشر ، أشجار ، فواكه ، مدفع ، ثلج ، مشروب ، الشمس ...
نلاحظ بأننا لم نوظف مفهوم الشخصية واستبدلناه بمفهوم ( بشر ) لأننا نتعامل مع المشهد باعتباره جملة نحوية ، أي جملة معزولة عن سياقها الحكائي .
نلاحظ أيضا وجود عناصر لاتظهر في المشهد لكننا ندركها من خلال عناصر أخرى ، صوت الآذان يحيل على المؤذن ، صوت الانفجار يحيل على المدفع ...
المشهد يريد أن يوصل إلينا معلومة حلول وقت الإفطار في رمضان ، والإفطار يكون بعد غروب الشمس ، صوت المؤذن ، وصوت المدفع يخبرنا أن زمان المشهد هو فترة الغروب ، لكن نور الشمس وظل الأشجار يناقض هذه المعلومة .
إذن فالعناصر داخل المشهد ، أوداخل هذه الجملة الفيلمية ، لم تتوفق في إيصال المعلومة بصورة صحيحة للمتلقي ، وبذلك فنحن أمام جملة نحوية خاطئة ، ولكي نصحح الجملة علينا إزالة نور الشمس وظل الأشجار ، أو اختيار فترة الغروب أثناء تصوير المشهد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ نشير هنا أننا تعاملنا مع المشهد باعتباره جملة منفصلة عن كل الجمل الأخرى في الحكاية ، أي جملة تبتدأ مع بداية المشهد وتنتهي بنهايته ، لأننا حين نربطها بما قبلها ومابعدها سننتقل من العلاقات النحوية إلى العلاقات الحكائية ، وهذا يفرض إلى جانب الانضباط للقوانين النحوية ضرورة الانضباط للقوانين الحكائية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق