تنبني
العملية الحكائية على ثلاث ركائز أساسية : الحكي ، الحكاية ، الشكل الحكائي .
فالحكي حكاية تحكى من خلال شكل حكائي ، والحكي
يفترض وجود حاك يقوم بعملية الحكي وهو ما نسميه الراوي أو السارد Narrateur ، ومروي له أو مسرود له Narrataire ، وسرد Narration
والحكاية لابد لها من وسيط أو شكل حكائي يمظهرها لنا وهذا الوسيط قد يكون
رواية أو مسرحية أو حكيا شفويا أو فيلما ... فالحكاية لا يمكن أن توجد في غياب هذا
الوسيط ، والحكاية تختلف من شكل حكائي إلى آخر تختلف تشويقا وجاذبية ، فحكاية
نشاهدها مؤفلمة تختلف كثيرا عن تلك التي نتلقاها عن طريق السمع ، كما يمكن تحويل
قصة فيلمية إلى قصة شفوية حين يقوم شخص بحكاية فيلم أو برنامج شاهده لصديقه ، وهذه كلها أدلة على أن القصة يمكن أن تتخذ
أشكالا متعددة .
ويتخذ الرواة
الذين يقومون برواية الحكاية أشكالا متعددة داخل الحكي :
ـ الراوي الخارجي
: هو ذات مفارقة للعمل الحكائي ترى كل شيء من فوق وتعرف كل شيء عن الشخصيات الحكائية
حتى ما يدور في رؤوسها .
ـ الراوي الداخلي
: هو شخصية تنتمي للحكاية ، معرفتها محدودة ، ومجبرة على أن تقدم تفسيرا لكيفية تعرفها على كل خبر ترويه للمروي
له .
وحين يتعلق الأمر بالسرد الفيلمي فإن الراوي
الخارجي هي العين التي نرى من خلالها مجريات الأحداث ، أما الراوي الداخلي فهي كل
عين نرى الحدث من خلالها ، وكمثال شخص ينظر من ثقب المفتاح فإن ما نراه ، نراه من
خلال عين شخصية داخل حكائية وبالتالي فإن
نظرتها للأشياء مقيدة بالحدود التي تسمح بها الرؤيا من خلال الثقب وأي تجاوز لذلك
قد يطرح أسئلة استنكارية من قبل المتلقي .
والعين الداخل حكائية لا تقتصر على ما تراه
الشخصية الداخل حكائية ، فيمكن لهذه العين أن تكون عين كاميرا تستخدمها
الشخصية أو عين مكبرة أو كاميرا في هاتف ... وحين استخدام هذه الأشياء
كعين داخلية ينبغي الحذر من سوء استخدامها .
ونقدم هذا المثال لسوء استخدام العين الداخلية في الحكي
كما يقدم عبد الرزاق الزاهير في كتابه ( السرد الفيلمي قراءة سيميائية) هذه القراءة لمشهد من فيلم الكيت كات لداوود عبد السيد
( نرى الطريق وهي تتمايل أمام عجلات الدراجة النارية ، فنفهم بأننا نرى بعين الراكب على الدراجة النارية ( الشيخ حسني ) وإذا علمنا أن هذه الشخصية ضريرة تبين لنا عدم انسجام الرؤية مع مجريات الحكاية )) [ص67] ، فلو أن المخرج استعمل الظلام أو الشاشة السوداء وصوت الصراخ والضجيج وصوت الدراجة النارية ... لكان المشهد أكثر تعبيرا .
كما يتعدد المروي لهم داخل الحكي :
ـ مروي له خارجي : وهو المتلقي الذي يقع خارج
العملية الحكائية ككل ، وتأثيره في الراوي يتحدد من خلال الشكل الحكائي ، فإذا كان
الشكل المعتمد لنقل الحكاية فيلما أو رواية أو تمثيلية إذاعية فإن تأثير المتلقي
يكون منعدما فهو يستقبل ما يقال له دون نقاش ؛ أما إذا كان الوسيط حكيا شفويا فإن
المتلقي يمكنه أن يوقف الراوي ليسأله عن بعض الأمور . والراوي الخارجي هو الذي
يتوجه بالخطاب للمروي له الخارجي وبطريقة غير مباشرة ، أما حين يتدخل الراوي
الداخلي ليتوجه بالكلام للمروي له الخارجي كما نرى في بعض الأعمال حين ينظر الممثل
اتجاه الجمهور ويبدأ في مخاطبته فإننا قد لانستحسن العملية .
ـ مروي له داخلي : يوجد داخل الحكاية ويفترض
وجوبا وجود راو داخلي وهو في كثير من الأحيان القناة التي من خلالها تمر المعلومات
للمروي له الخارجي .