إننا حين نتحدث عن السيناريو باعتباره رسالة نستحضر وبصورة آلية طرفي الرسالة : المرسل والمستقبل ، ولكي تتم عملية التواصل لابد من وجود لغة مشتركة بينهما ، لغة تتكون من مجموعة من الرموز يشكلها المرسل وفق بناء معين ويقوم المستقبل بتفكيكها لفهم معنى الرسالة ، وحين يتدخل المستقبل منتقدا أو رافضا لبناء لا يراه ملائما فإنه يفعل ذلك وفق قواعد معينة ووفق معاييـر يمتـلكها تمكنه من بناء أحكامه على الرسالة بالسلب أو الإيجاب .
و قبل أن توجد
القواعد توجد اللغة ، فوجود اللغة دائما يسبق وجود القواعد ، فقد تتكلم مجموعة
بشرية بطريقة سليمة لغة خاصة بهم حتى وإن لم يكن لهذه اللغة قواعد تضبطها
ويستطيعون التمييز داخل هذه اللغة بين الاستعمالات الصحيحة والاستعمالات الخاطئة ،
والأمثلة على ذلك كثيرة ، فكل اللغات الفصيحة في العالم مرت من هذه الطريق، أي أن
زمن تشكلها سبق زمن وضع قواعد لها ، لأنه من غير المعقول تخيل وضع قواعد ثم القيام
بوضع لغة بناء على هذه القواعد .
وإذا اعتبرنا أن الصورة هي لغة السينما، ولغة كل
شكل تواصلي يتخذ من الصورة وسيلة لتحققه فإنه لابد لهذه اللغة من قواعد ، فالمتلقي
حين يستقبل هذه اللغة يستقبلها وفق قواعد معينة تتـشكل من مجموعة من المعايير التي
تتحكم في حكمه على تعبير مصور بأنه صحيح أو خاطئ ؛ فالتعبير المصور يتكون من
تراكيب ، وهذه التراكيب هي التي تتحكم في إنتاج دلالته ، تراكيب نحوية وظيفـتها
إنتاج تراكيب دالة من أجل تحقق العملية التواصلية .
إن اللساني أو اللغوي حين يشتغل على دراسة
الجملة يقوم بتجريدها من سياقها فإذا أخذ جملة مثل: (خرج حسنين من المنزل غاضبا )
، فإنه سيقف عند الحدود التي تربط مكونات الجملة بعضها ببعض دون أن يذهب أبعد من
ذلك ، فهو لا يـعنيه من كلمة (حسنين) سوى أنه فاعل الفعل خرج ، وأن كلمة (غاضبا
)هي حال ... فنظرة اللغوي للجملة نظرة معيارية تقف عند الحدود التي تربط الكلمات
فيما بينها دون أن ينتقل إلى شرح الأسباب التي تجعل حسنين يخرج من المنزل غاضبا .
فاللساني و كما يقول رولان بارت يقف عند حدود الجملة ولا يهتم بما بعدها لأن وراء
الجملة لا توجد سوى جمل أخرى إنه مثل عالم
النبات الذي عندما ينتهي من وصف الزهرة لا ينتقل إلى وصف الباقة .
لكن الذي يشتغل على الجملة باعتبارها مكونا داخل
عمل حكائي (شخصية حسنين في رواية بداية ونهاية لنجيب محفوظ ، أوفي فيلم صلاح أبو
سيف المأخوذ عن نفس الرواية والذي يحمل نفس الاسم) ، فإنه سيشتغل على الجملة
باعتبارها جزءا من عمل حكائي لها ارتباط بما قبل وما بعد ، والمشتغل بالسيميائيات
السردية سيقوم بتجريد الحكاية من كل شكل حكائي ويدرسها باعتبارها عملا مستقلا
بذاته. نلاحظ إذن وجود مجموعة من التخصصات قد تهتم بدراسة نفس الموضوع لكن كل دراسة تشتغل وفق
قوانينها الخاصة ، فاللساني تحكمه قوانين العلم الذي يشتغل به ، والناقد الروائي
أو السينمائي يشتغل تبعا لمنهجية محددة يختارها ، والمهتم بالحكاية سيشتغل وفق
مناهج السيميائيات السردية ؛ وكل تخصص من
هذه التخصصات لا يمكنه أن يؤسس منهجية علـمية محترمة في دراسة الظاهرة التي يشتغل
عليها إلا بتجريد الموضوع الذي يهتم بدراسته بعيدا عن المواضيع الأخرى ، فعندما
قام فرديناند دي سوسير بتجريد الكلام عن اللسان فتح طريقا واسعا أمام اللسانيين
للسير قدما في دراسة اللغة ، وعندما قام فلاديميربروب بتجريد الحكاية وفصلها
عن كل شكل حكائي وضع حجر الأساس لظهور السيميائيات السردية ، ولكي نستطيع التأسيس
لدراسة طموحة للسيناريو ينبغي أن نحدد موضوعه .
السيناريو
حكاية وشكل حكائي ، وهو أيضا لغة لها عناصرها وقواعدها الخاصة ، فما هي هذه اللغة
؟ ما هي مكوناتها ومحدداتها الأولية ؟ وهل لهذه اللغة ضوابط تتحكم فيها ؟ ومعايير
يمكن الرجوع إليها لنتخذها كمقاييس لتحديد الاستعمالات السليمة لهذه اللغة
والاستعمالات الشاذة ؟ وما هو الجزء داخل السيناريو الذي يمكننا اعتباره بمثابة
الجملة داخل اللغة المنطوقة أو اللغة المكتوبة ؟.
إننا إذا استطعنا تقديم إجابات منطقية عن هذه
الأسئلة ، فـسنكون قد خطونا خطوة مهمة نحو تحديد موضوع السيناريو .
هذا فهرس المواضيع التي يتطرق لها الكتاب
مــقــدمة
مــدخــل
القسم الأول : السيناريو من وجهة نظر المهتمين بالمجال
1 ـ تعريفات 1 ـ 1 ـ تعريف السيناريو ـ 2
ـ التتابع 1 ـ 3 ـ المشهد 1 ـ 4
ـ مشهد الفوطو / مونتاج 1 ـ 5 ـ اللقطة 1ـ 5 ـ 1ـ
المشهـد سلسلة من اللقطـات 1 ـ 5 ـ 2 ـ أنواع اللقطات
2 ـ عناصر السيناريو 2 ـ 1 ـ الزمان 2 ـ 2 ـ المكان .. 2 ـ 3 ـ الأكسسوار .. 2 ـ 4 ـ
الشيء .
2 ـ 5 ـ الصوت.. 2 ـ 5 ـ 1 ـ الأصوات الداخلية ..
ـ الحوار . ـ المونولوج
.. ـ المؤثرات الداخلية ..
2 ـ 5 ـ 2 ـ الأصوات
الخارجية ..
2 ـ 6 ـ الشخصية ...
3 ـ القــصــة ..
3 ـ 1 ـ القصة و البناء
الدرامي .. 3 ـ 2 ـ رسم الشخصية ... 3 ـ 3 ـ الحبكة .
4 ـ الحـكـي .
4 ـ 1 ـ المعلومات .. 4 ـ 2 ـ التكرار..
5 ـ كتــابة الســيناريو ..
5 ـ 1 ـ فكرة القصة .. 5
ـ 2 ـ السينوبسيس... 5 ـ 3 ـ التصميم . 5 ـ 4 ـ المعالجة .
5 ـ 5 ـ السيناريو.. 5 ـ 6 ـ
سيناريو التصوير..
القسم الثاني : موضوع السيناريو.
تــمهــيد ..
1 ـ موضوع السيناريو
2 ـ تحليل جملة بصرية في
حالة سكون .
3 ـ جملة السيناريو كجملة
نحوية ....
3 ـ 1 ـ العلاقات التركيبية
بين العناصر .. 3 ـ 1 ـ 1 ـ التركيبات النحوية ... 3 ـ 1 ـ 2 ـ التركيبات
الدلالية .. 3 ـ 1ـ 3ـ محور التركيب ومحور الاستبدال .. 3 ـ 1 ـ 4 ـ تحليل مشاهد من سيناريو خطي .
4 ـ جملة السيناريو كجملة حكائية
4 ـ 1 ـ الدور الوصفي
للعناصر . 4 ـ 2 ـ علاقة الوصف بالسرد 4 ـ 3 ـ من الوصف إلى الميتاوصف 4 ـ 4
ـ استثمار العناصر في إنتاج الصور الميتاوصفية .
4 ـ 4 ـ 1 ـ المكان .. 4 ـ
4 ـ 2 ـ الزمان . 4 ـ 4 ـ 3 ـ الشيء . 4 ـ 4 ـ 4 ـ الأكسسوار .
4 ـ 4 ـ 5 ـ الصوت . 4 ـ 4 ـ 6 ـ الشخصية ..
4 ـ 5 ـ تحليل مشهد حكائي
اضغط للتحميل أو القراءة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق